السلام عليكم .

الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله , نال شرف قيادة هذا الصرح العظيم من صروح الإسلام .و من ينل هذا المقام يسمونه الإمام الأكبر .و شيخ الإسلام .
بقي الشيخ محمود شلتوت بهذا القدر و المكانة , إلى أن أعلن بكل شجاعة عقيدته في عيسى بن مريم عليه السلام .حيث قال: أن عيسى بن مريم عليه السلام مات .كسائر النبيين .
عندها انبرت أقلام كثيرة لتشويه الإمام الأكبر محمود شلتوت , فصار جاهلا و شاذا و مخرفا .
و عندما أعلن الشيخ محمد الغزالي أيضا أنه يعتقد موت عيسى بن مريم رمي بشتى التهم .
و كان الطاعنون في العلماء القائلين بموت عيسى بن مريم عليه السلام لا يستندون إلا لعقيدة باطلة تسللت إلى عقائد الإسلام خلسة , و تبناها كثير من العلماء , و رسخوها عبر الزمن .
و زعموا أن عيسى بن مريم عليه السلام لم يمت و  إنما صعد إلى السماء و هو حي فيها حتى ينزل آخر الزمان .
و كان دليلهم هو تجاهل  سنن الله في خلقه , و تجاهل أن عيسى بن مريم عليه السلام إنسان , بشر كباقي البشر إلا أنه نبي رسول .
و تجاهلوا اللغة العربية , و زعموا أن ( متوفيك )) تعني منيمك .
و تأبى اللغة  العربية  أن تقبل عدوانهم , لتعلن أن التوفي على إطلاقه لا يعني إلا الموت قطعا .
و لا ينصرف معنى التوفي إلى النوم إلا بورود قرينة ك(( الليلي أو المنام)). و لم ترد قرينة قط في معرض  حديث القرآن عن وفاة عيسى بن مريم عليه السلام . فثبت أن عيسى مات .

لكن , ماذا , لو نظرنا فيكتاب الله المجيد , منطلقين من قول العلماء أن عيسى صعد إلى السماء حيا و لا يزال حيا هناك؟. لنرى هل يوافق  القرآن كلامهم أم ينقضه؟.

لو سلمنا أن عيسى بن مريم عليه السلام صعد إلى السماء نائما .فهذا يعني أنه حي .و الحياة تتطلب الكثير من المتطلبات من مأكل و مشرب و ملبس  ......إلى آخره.

و لو رجعنا للقرآن الكريم , لوجدنا أنه أخبر أن حياة البشر تكون في الأرض .{قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} (25) سورة الأعراف.

و نرى بوضوح أن قولهم بصعود عيسى نائما يناقض الآية الكريمة .و يبطل قولهم تماما.

يقول الله تعالى :           {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (7) سورة الأنبياء       {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ} (Cool سورة الأنبياء.

إن القول أن عيسى صعد إلى السماء نائما , يعني أن الله تعالى جعل عيسى بن مريم حين اصعده إلى السماء , -جعله- جسدا لا يأكل الطعام .
و هذا أيضا يبطل القول بحياة عيسى في السماء إبطالا مؤكدا .

إن القول بصعود عيسى نائما إلى السماء و بقائه حيا فيها , إلى أن ينزل و يؤدي مهمته و يموت , و نسبة هذا القول للقرآن , يجعل القرآن محل شك و العياذ بالله بعد أن ينزل عيسى و يموت و يدفن في الأرض. لأن القرآن لن يتغير و ستبقى نفس الآيات التي فهموا منها صعود عيسى و حياته في السماء كما هي , بينما عيسى سيكون ميتا مدفونا في الأرض .

الحقيقة أن القائلين بصعود عيسى إلى السماء , إنما تجاهلوا مئات البراهين التي تنسف قولهم, -تجاهلوها- ليحاولا التوفيق بين القرآن الكريم و احاديث نزول عيسى آخر الزمان .فاضطروا لتأويل الآيات القرآنية تأويلا مناقضا للقرآن و مخالفا لسنن الله في خلقه .و رسخوا خرافة مسيحية في أذهانهم و أذهان من استسلم لقولهم .

و الحقيقة أن نزول عيسى آخر الزمان إنما يعني فقط ظهور مثيل له من أمة محمد صلى الله عليه و آله و سلم .يجدد الإسلام الحنيف و ينفض عنه غبار العقائد البالية التي نسجها البشر عبر الزمن .
يقول الله تعالى : {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} (57) سورة الزخرف{وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} (58) سورة الزخرف.

نلاحظ أن القرآن الكريم يخبرنا أن قوم محمد صلى الله عليه و سلم يصدون عن ابن مريم .
و لنا أن نسأل : هل عيسى بن مريم كان رسولا إلى قوم محمد-ص- حتى يصدوا عنه؟.
الجواب: لا.
و قوم محمد -ص- لم يصدوا عنه عيسى بن مريم , بل يحبونه و يبجلونه كسائر النبيين .

إذن , ابن مريم في سورة الزخرف إنما هو مثيل لعيسى بن مريم فقط .و هو من أمة محمد صلى الله عليه و سلم .لذا لم يقبله قوم محمد -ص- باعتبار ما سيجدهم عنه من عقائد بالية ينري هو لتصحيحها .فترى القوم رافضين كلامه مستغربين أقواله .

نكمل في سورة الزخرف لنرى مهمته و مكانته .يقول الله تعالى : {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ } (59) سورة الزخرف.
إن هو إلا عبد أنعمنا عليه .
و جعلناه مثلا لبني إسرائيل .
مثلا .
ليعلم بنو إسرائيل أن مسيحهم جاء و كذبوه و كفروه و هموا بقتله .و لا يزالون حتى الآن ينتظرون مسيحهم حسب تصورهم هم و ليس كما أراد الله .
فهل سينتفع المسلمون و يعتبروا من خيبة اليهود ؟.