دور الأسرة في جودة التربية والتعليم







لا أحد ينكر دور الأسرة القوي في بناء شخصية التلميذ وتهذيب أخلاقه بل إنها المحصن الأول والمؤثر القوي على معتقداته وأفكاره التي تجول بخاطره. وقديما قال شاعر العرب: بأبيه اقتدى عدي في الكرم *** ومن يشابه أباه فما ظلم..

صحيح أن المدرس له دخل قوي وتأثير بليغ على شخصية الطفل، ولكن ذلك مشروط بأن تكون الأسرة مساعدة للمدرس في بنائه الذي ينشده وهدفه الذي يرمي إليه، فالأب الذي يسأل ابنه عن حصاده العلمي وزاده التربوي ويحاول قدر الإمكان الدفع بابنه لتمثل القيم والاستمساك بالعقائد التي ينشدها المدرس فذلك هو الأب الحق الذي يمكن أن ننعته بالأب المساعد والمنخرط في العملية التربوية. أما الأسرة التي لا تعرف حتى مستوى ابنها، أو أين يدرس أو من هم رفقاؤه فهذا أب لا يعدو على أن يكون مقلدا للبهائم، طالما أن البهائم تنحوا منحاه من توفير العيش للأبناء فقط. وإن تعجب فالعجب أكبر لما تجد الأسرة هادمة لعمل المدرس عن قصد أو غير قصد. ينصح الأستاذ بالحياء فإذا بالأسرة تخل به، وينصح المدرس بالحشمة واللباس الساتر المعبر عن قيم الإسلام فإذا بالأب يأمر ابنته بنزع حجابها، ودعوتها إلى التبرج وذبح الفضيلة بدعوى الموضة والتحضر ومسايرة العصر، والحق أن هذه المعتقدات أكل عليها الدهر وشرب وأقل ما يمكن أن يقال عنها إنها دخلت مزبلة الأفكار والأوهام. لقد كان الرجل قديما يأتي إلى المدرس ويقول له: هؤلاء أبنائي أدبهم فإن عيوني متعلقة بهم، وعيونهم متعلقة بك. فالحسن عندهم ما حسنته والقبيح عندهم ما قبحته. فيكون ذلك دافعا لاستنهاض حماس الأستاذ لما يعلم الرغبة الملحة للأسرة في تهذيب أخلاق أبنائها وتغير سلوكيات فلذات كبدها، واثقة في أخلاقيات الأستاذ ومفوضة له مسؤولية التأديب. إن تدين التلميذ أو كفره واستقامته أو انحرافه مرده إلى التربية التي يتلقاها في أسرته ويراها سارية في بيته، وفي الحديث المشهور عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودان أو ينصرانه أو يمجسانه) رواه البخاري ومسلم. فعلى الأقل ينبغي للأسر أن تتقي الله في أولادها ولا تكون سببا لهدم بناء المدرس معينة بذلك وسائل الإعلام الفاضحة وبرامج الانترنيت الخليعة، فالبناء لا يتم إذا كان وراء الباني هادم واحد فما بالك بالباني الذي من ورائه ألف هادم